حُسن الخُلق :
الحمد للّه الذي خلق كل شيء فأحسن خلقه وترتيبه، وأدب نبينا محمد صلى اللّه عليه وسلم فأحسن تأديبه، وبعد:
فإن مكارم الأخلاق صفة من صفات الأنبياء والصديقين والصالحين،والهدف الأسمى لبعثة الأنبياء عليهم السلام ،
فقد قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم ( إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) [رواه مالك ] ، و" إنما في لغة العرب تفيد الحصر والقصر"
وقد خص اللّه جل وعلا نبيه محمداً صلى اللّه عليه وسلم بآية جمعت له محامد الأخلاق ومحاسن الآداب فقال جل وعلا
وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) [القلم:4].
وقد حث النبي صلى اللّه عليه وسلم على حسن الخلق، والتمسك به، وجمع بين التقوى وحسن الخلق، فقال عليه الصلاة والسلام: ( أكثر ما يدخل الناس الجنة، تقوى اللّه وحسن الخلق ) [رواه الترمذي والحاكم].
وأوصى النبي صلى اللّه عليه وسلم أبا هريرة بوصية عظيمة فقال: ( يا أبا هريرة! عليك بحسن الخلق ). قال أبو هريرة رضي اللّه عنه: وما حسن الخلق يا رسول اللّه؟
قال: ( تصل مَنْ قطعك، وتعفو عمن ظلمك، وتُعطي من حرمك ) [رواه البيهقي].
وعدَّ النبي صلى اللّه عليه وسلم حسن الخلق من كمال الإيمان، فقال عليه الصلاة والسلام: ( أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً ) [رواه أحمد وأبوداود].
وعليك بقول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ( أحب الناس إلى اللّه أنفعهم، وأحب الأعمال إلى اللّه عز وجل، سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً،
ولئن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إليَّ من أن أعتكف في المسجد شهراً ، ومن كف غضبه ستر الله عورته ، ومن كظم غيظا ، ولو شاء أن يمضيه أمضاه ، ملأ الله قلبه رضا يوم القيامة ، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له, ثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام ، وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل ) [رواه الطبراني].
والمسلم مأمور بالكلمة الهيِّنة الليِّنة لتكون في ميزان حسناته، قال عليه الصلاة والسلام: ( والكلمة الطيبة صدقة ) [متفق عليه].
بل وحتى التبسم الذي لا يكلف المسلم شيئاً، له بذلك أجر: ( وتبسمك في وجه أخيك صدقة ) [رواه الترمذي ].
ثمرات حسن الخلق :
- جعل الله سبحانه وتعالى الأخلاق الفاضلة سببًا للوصول إلى درجات الجنة العالية، يقول الله تبارك وتعالى :
{ وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين .الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين} [آل عمران: 133-134]
- وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال: ( تقوى الله، وحسن الخلق ) [رواه الترمذي]
- قال صلى الله عليه وسلم : ( إن الرجل ليدرك بحسن خُلقه درجة الصائم القائم ) [رواه أحمد].
- وعن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( حرم على النار كل هيِّن ليِّن سهل قريب من الناس ) [رواه أحمد].
- وعن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خُلق حسن، وإن الله تعالى ليبغض الفاحش البذيء ) [رواه الترمذي].
- روى الطبراني مرفوعا " أوحى الله تعالى إلى إبراهيم عليه السلام : يا خليلي حسِّن خلقك ولو مع الكفار تدخل الجنة مع الأبرار،وإن كلمتي سبقت لمن حسن خلقه أن أظله تحت عرشي وأن أسقيه من حضيرة قدسي،
وأن أدنيه من جواري.
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رجل: يا رسول الله! إن فلانة يُذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها، غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها. قال: ( هي في النار ). قال: يا رسول الله! فإن فلانة يُذكر من قلة صيامها وصدقتها وصلاتها، وإنها تصَدّق بالأثوار من الأقط، ولا تؤذي جيرانها بلسانها. قال: ( هي في الجنة ). [رواه أحمد]
- قال صلى الله عليه وسلم : ( إن من أحبكم إلىّ أحسنكم أخلاقاً ) [رواه البخاري].
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا ) [رواه الترمذي].
أخي المسلم :
إنها مناسبة كريمة أن تحتسب أجر التحلي بالصفات الحسنة، وتقود نفسك إلى الأخذ بها وتجاهد في ذلك، واحذر أن تدعها على الحقد والكراهة، وبذاءة اللسان، وعدم العدل والغيبة والنميمة والشح وقطع الأرحام. وعجبت لمن يغسل وجهه خمس مرات في اليوم مجيباً داعي اللّه، ولايغسل قلبه مرة في السنة ليزيل ما علق به من أدران الدنيا، وسواد القلب، ومنكر الأخلاق!
واحرص على تعويد النفس كتم الغضب، وليهنأ من حولك مِن: والدين، وزوجة وأبناء، وأصدقاء، ومعارف، بطيب معشرك، وحلو حديثك، وبشاشة وجهك، واحتسب الأجر في كل ذلك.
وعليك - أخي المسلم - بوصية النبي صلى اللّه عليه وسلم الجامعة، فقد قال عليه الصلاة والسلام: ( اتق اللّه حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحُها، وخالق الناس بخُلق حسن ) [رواه الترمذي].
جعلنا اللّه وإياكم ممن قال فيهم الرسول صلى اللّه عليه وسلم: ( إن أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحسنكم أخلاقاً ) [رواه أحمد والترمذي وابن حبان].
اللهم إنا نسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة، اللهم حسِّن أخلاقنا وجَمِّل أفعالنا، اللهم كما حسَّنت خلقنا فحسن بمنِّك أخلاقنا، ربنا اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، وصلى اللّه على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.